الصندوق

((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ))

فى لواء رسول الله

اذا أردت تكبير الخط

+ + + + +

الجمعة، 20 أغسطس 2010

توحيد الألوهية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله على نعمة الاسلام وكفى بها نعمة والصلاة على خير الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
فحياكم الله جميعاً أيها الأخوة الأخيار وأيتها الأخوات الفاضلات وطبتم جميعاً وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً

أخوتى :
إن الله تعالى أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين، وقدوة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، بين به وبما أنزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد واستقامة أحوالهم في دينهم ودنياهم، من العقائد الصحيحة و الأعمال القويمة والأخلاق الفاضلة والآداب العالية، فترك صلى الله عليه وسلم أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فسار على ذلك أمته الذين استجابوا لله ورسوله، وهم خيرة الخلق من الصحابة والتابعين والذين اتبعوهم بإحسان، فقاموا بشريعته وتمسكوا بسنته، وعضوا عليها بالنواجذ عقيدة وعبادة وخلقاً وأدباً، فصاروا هم الطائفة الذين لا يزالون على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى وهم على ذلك.

ونحن - ولله الحمد - على آثارهم سائرون، وبسيرتهم المؤيدة بالكتاب والسنة مهتدون، نقول ذلك تحدثاً بنعمة الله تعالى، وبياناً لما يجب أن يكون عليه كل مؤمن، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإخواننا المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب
فلما كانت العقيدة الصحيحة هي أصل دين الإسلام وأساس الملة رأيت أن تكون هي أول ما أبدأ به السلاسل التى وعتدكم اياها.


ولقد تكلمنا فى الدرس الأول عن فضل العقيدة وتكلمنا أيضا بشىء من الاجمال عن أصولها الستة
ثم تكلمنا عن معنى التوحيد وأقسامه وكيفية تحقيقه ثم تكلمنا عن لااله الا الله

ثم شرعنا فى القسم الأول من التوحيد وهو توحيد الربوبية
وبينا معنى توحيد الربوبية وتكلمنا فيه بشىء من التفصيل واليوم سوف نعيش مع القسم الثانى من اقسام التوحيد
توحيد الألوهية


وتوحيدُ الألوهية هو‏:‏ إفرادُ الله تعالى بأفعال العباد التي يفعلونها على وجه التقرب المشروع، كالدعاء والنذر والنحر، والرجاء والخوف، والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة، وهذا النوع من التوحيد هو موضوع دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم، قال تعالى‏:‏{‏وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ‏}‏ ‏[‏النحل/36‏]‏، وقال تعالى‏:‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَاْ فَاعْبُدُونِ‏}‏ ‏[‏الأنبياء/25‏]‏‏.‏

وكلُّ رسول يبدأ دعوته لقومه بالأمر بتوحيد الألوهية، كما قال نوح وهود وصالح وشعيب‏:‏{‏يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ‏}‏ ‏[‏الأعراف/59، 65، 73، 85‏]‏، ‏{‏وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ‏}‏ ‏[‏العنكبوت/16‏]‏‏.‏

وأنزل على محمد صلى الله عليه وسلم‏:‏{‏قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ‏}‏ ‏[‏الزمر/11‏]‏‏.‏

وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أمرت أن أقاتل الناس؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله‏)‏ ‏[‏الحديث رواه البخاري ومسلم‏]‏‏.‏

وأول واجب على المكلف‏:‏ شهادة أن لا إله إلا الله والعمل بها، قال تعالى‏:‏{‏فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ‏}‏ ‏[‏محمد/19‏]‏‏.‏

وأول ما يؤمر به مَنْ يريد الدخول في الإسلام‏:‏ النطقُ بالشهادتين، فتبين من هذا‏:‏ أن توحيد الألوهية هو مقصودُ دعوة الرُّسل، وسُمِّي بذلك؛ لأن الألوهية وصف الله تعالى الدال عليه اسمه تعالى ‏(‏الله‏)‏، فالله‏:‏ ذو الألوهية، أي المعبود‏.‏

ويقال له‏:‏ توحيد العبادة؛ باعتبار أن العبودية وصفُ العبد، حيثُ إنه يجبُ عليه أن يعبد الله مخلصًا في ذلك؛ لحاجته إلى ربه وفقره إليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -‏:‏

‏(‏واعلم أن فقر العبد إلى الله‏:‏ أن يعبده لا يُشرك به شيئًا، ليس له نظير فيُقاسُ به؛ لكن يُشبه من بعض الوجوه حاجة الجسد إلى الطعام والشراب، وبينهما فروق كثيرة؛ فإن حقيقة العبد قلبه وروحه، وهي لا صلاحَ لها إلا بإلهها الله الذي لا إله إلا هو، فلا تطمئن في الدنيا إلا بذكره‏.‏ ولو حَصَلَ للعبد لذّات وسرور بغير الله، فلا يدوم ذلك، بل ينتقل من نوعٍ إلى نوعٍ، ومن شخص إلى شخص، وأما إلهه فلابد له منه في كل حال، وكل وقت وأينما كان فهو معه‏)‏ ‏‏.‏

وكان هذا النوع من التوحيد هو موضوع دعوة الرسل؛ لأنه الأساسُ الذي تُبنى عليه جميع الأعمال، وبدون تحققه لا تصحُّ جميعُ الأعمال‏:‏ فإنه إذا لم يتحقق؛ حصل ضده، وهو الشركُ، وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ‏}‏ ‏[‏النساء/48/ 116‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ‏}‏ ‏[‏الأنعام/88‏]‏، وقال تعالى‏:‏ {‏ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ‏}‏ ‏[‏الزمر/65‏]‏‏.‏

ولأن هذا النوع من التوحيد؛ هو أول الحقوق الواجبة على العبد، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا‏}‏ ‏[‏النساء/36‏]‏ الآية، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا‏}‏ ‏[‏الإسراء/23‏]‏ الآية، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا‏}‏ ‏[‏الأنعام/151-153‏]‏ الآيات‏.‏

التشريع حق لله تعالى

والمراد بالتشريع‏:‏ ما ينزِّلُه الله لعباده من المنهج الذي يسيرون عليه في العقائد والمعاملات وغيرها؛ ومن ذلك التحليل والتحريم، فليس لأحد أن يحل إلا ما أحله الله، ولا يحرم إلا ما حرم الله، قال تعالى‏:{‏وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ‏}‏ ‏[‏النحل/116‏]‏، وقال تعالى‏:‏ {‏قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ‏}‏ ‏[‏يونس/59‏]‏‏.‏

فقد نهى الله عن التحليل والتحريم؛ بدون دليل من الكتاب والسنة، وأخبر أن ذلك من الكذب على الله، كما أخبر سبحانه أنَّ من أوجَبَ شيئًا أو حرَّمَ شيئًا من غير دليل؛ فقد جعل نفسه شريكًا لله فيما هو من خصائصه، وهو التشريع، قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ‏}‏ ‏[‏الشورى/21‏]‏‏.‏

ومن أطاع هذا المشرِّع من دون الله وهو يعلم بذلك ووافقه على فعله، فقد أشركه مع الله، قال تعالى‏:‏ {‏وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏الأنعام/121‏]‏‏.‏

يعني‏:‏ الذين يُحلّون ما حرَّم الله من الميتات، مَن أطاعهم في ذلك فهو مشرك، كما أخبر سبحانه أن من أطاع الأحبار والرهبان في تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحله الله؛ فقد اتخذهم أربابًا من دون الله، قال تعالى‏:‏ ‏{‏اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة/31‏]‏‏.‏

ولما سمع عديّ بنُ حاتم - رضي الله عنه - هذه الآية، قال‏:‏ يا رسول الله، إنا لسنا نعبدهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أليسوا يُحلون ما حرَّم الله فتحلونه، ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه‏)‏‏؟‏ قال‏:‏ بلى، قال‏:‏ ‏(‏فتلك عبادتهم‏)‏ ‏[‏الحديث رواه الترمذي‏]‏‏.‏

قال الشيخُ عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله -‏:‏ ‏(‏وفي الحديث دليل على أنَّ طاعةَ الأحبار والرهبان في معصية الله؛ عبادة لهم من دون الله، ومن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله؛ بقوله تعالى في آخر الآية‏:‏{‏وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏‏.‏

ونظير ذلك قوله تعالى‏:‏{‏وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏الأنعام/121‏]‏‏.‏

وهذا وقع فيه كثيرٌ من النَّاس مع من قلدوهم؛ لعدم اعتبارهم الدليل إذا خالف المُقلَّد؛ وهو من هذا الشرك‏)‏ انتهى‏.‏

فالتزام شرع الله، وترك شرع ما سواه، هو من مقتضى لا إله إلا الله، والله المستعان‏‏


ونكتفى بهذ القدر لنعيش مع كلام الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله آل فوزان عن العبادة بشىء من التفصيل

وأسأل الله العلى الأعلى أن يرزقنا الفهم عنه وأن يجعلنا نعمل بخير ما نقول وأن يجمعنا مع خير خلققه صلى الله عليه وسلم فى الفردوس الأعلى انه ولى ذلك والقادر عليه

لكم سلامى
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لااله الا أنت أستغفرك وأتوب اليك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق